24‏/04‏/2012

الغاية والوسيلة

ومن مصطلحات الإخلاص (الإرادة) والصواب (القدرة): الغاية والوسيلة؛ إلا أن الإخلاص معناه: الحالة التي تحدث عند الإنسان المخلص؛ ولكن الغاية: هي الأمر المراد والمخلص له، إذ يمكن أن تفهم الغاية على أنها المثل الأعلى الذي يتوجه الإخلاص إليه.
أما الوسيلة فهي الاستخدام الصحيح للإمكانات المتاحة؛ وتشمل الأشياء والأفكار، أو الآفاق والأنفس وسننهما، أو القدرات المادية والفهمية.

يقول ابن المقفع: (أما بعد: فإن لكل مخلوق حاجة، ولكل حاجة غاية، ولكل غاية سبيلاً؛ فغاية الناس وحاجتهم: صلاح المعاش والمعاد، والسبيل لدركها العقل الصحيح. وإمارة صحة العقل اختيار الأمور بالبصر … فعلى العاقل أن يعلن أنّ الناس مشتركون مستوون في الحب لما يوافق، والبغض لما يؤذي، وان هذه منزلة اتفق عليها الحمقى والأكياس، ثم اختلفوا بعدها في خصال. من ذلك أن العاقل ينظر في ما يؤذيه وف ما يسره فيعلم أن أحق ذلك بالطلب - إن كان مما يحب - وأحقه بالاتقاء - إن كان مما يكره - أطوله وأدومه وأبقاه). ابن المقفع - مقدمة الأدب الصغير.


وهنا يمكن تصحيح فكرة (الذرائعية) حيث يدنيها بعضهم إدانة مطلقة دون تحفظ. وأكثر الخطأ ينتج عن الادانات العامة من غير نظر إلى الحالات الخاصة؛ بل الصواب أن يكون هنا صحة الفكرة الذرائعية وخطأ الحالة الخاصة، ذلك أن النفع لا يمكن أن يدان إلا إذا كان نفعاً عاجلاً زائلاً وغير مستمر دائم، فطلب الدائم المستمر من النفع هو الصواب على الإطلاق، لهذا يدين الله الذين يحبون العاجلة ويذرون الآخرة: ﴿كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة﴾ (سورة القيامة: الآيتان 20،21).

وبعض الناس يرون النفعية في الأنانية الفردية، بينما مصلحة الفرد الدائمة ليست في الأنانية الفرية بل في إيثار المصلحة العامة على المصلحة الفردية؛ فالمصلحة العامة هي الأدوم والأنفع على طول الزمن، وحصر النفع في المصلحة الخاصة فهمٌ خاطئ لمعنى المنفعة.

الكاتب الكبير جودت سعيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفنا نعرف رأيكم